×

الاتصال السريع

1 نسعد بتواصلكم معنا
عبر البريد الإلكتروني info@arrowad.sa
2 نرحب بتفاعلكم معنا
عبر منصات التواصل الاجتماعي    
3 كما يمكنكم الاتصال المباشر بنا
عبر الرقم الموحد  920004248

مَنظومةُ التمّيُز المؤَسَسّي: رَكائِزُ البناءِ الناجحِ

لماذا تنجحُ بعضُ المنظماتِ في رحلتها للتمّيزِ المؤسسي بينما تتعثر أُخرى؟ لا خلافَ على المكوناتِ الأساسيةِ لمعاييرِ ومؤشراتِ وأدواتِ التمّيزِ المؤسسي التي تَتَشابهُ وإنْ اختلفتْ مصادرها، فالمعاييرُ الأساسيةُ لجائزةِ الملكِ عبدالعزيزِ للجودةِ مثلاً، لها مُمَاثِلٌ في جائزةِ التمّيزِ الأوروبي (EFQM). لكنَّ المختلف هي بعضُ العواملِ الأخرى التي تُحدِدُ النجاحَ والفشل. نَستعرِضُ هنا سَبعَ ركائزَ أساسيةٍ تلعبُ دوراً مُهماً في نجاحِ مشاريع بِناءِ مَنظومةِ التمّيزِ المؤسسي واستدامتها:

23 ربيع الأول 1446، الموافق 26 سبتمبر 2024

الركيزةُ الأولى: الرؤيةُ المُشتركةُ (فريقٌ واحدٌ.. هدفٌ واحد).

القائدُ عقلُ المنظمةِ وقلبُها النابضُ، ويتأّكدُ دورهُ في ضمانِ اتساقِ حَماسِه مع حماسِ وإيمانِ جميعِ المنسوبينَ/ الموظفينَ وعلى كافةِ المستويات بأهمية بناءِ منظومةِ التمّيزِ، حاملينَ ذاتَ الشَغفِ والعزيمةِ لتحقيقِ هدفٍ واضحٍ، مدركينَ لأدوارهم في الإنجازِ مُقتنعينَ أن الجميعَ رابحٌ ومستفيدٌ، وهذا دورُ القيادةِ. وَمنْ مُعززاتِ ذلكَ; إشراكهمْ في صُنع القرار، فما من شك اختلافُ المسارِ والشغفِ وتباينُ أهدافِ أطرافِ العلاقةِ أو عدمُ اهتمامِ بَعضهمْ مُشتتٌ للجهودِ ومُهددٌ للمشروعِ بِرُمَّته.

الرَكيزةُ الثانيةُ: اللغةُ الواضحةُ (خَاطبوا الناسَ على قدرِ عُقولهم).

يقولُ الفيلسوفُ الإيرلنديُ "ادموند بيرك" (عندما تخافُ من شيء مَا، تعلَّم عنهُ بِقَدرِ ما تستطيع، فالمعرفةُ تَقهرُ الخوفَ). الفهمُ مُفتاحُ المعرِفةِ والإنسانُ عدوّ مَا جَهِل. كُلَّما كانَ المطلوبُ واضِحاً مُبسطاً بِلُغةٍ يَعقِلُها مُتَوسِطُ الفهمِ كانَ ذلك أدعى للطُمأنينةِ والتجاوبِ بلْ للدافعيةِ. لابُّدَ منْ تَوضيحِ الصورةِ الكبرى لمنظومةِ الجودةِ وتَبسيطِ أَدواتها، وتَقريبها للجميعِ لاستيفاءِ المُتَطلباتِ بأيسَرِ الطُرُقِ وأوضَحِها.

الركيزةُ الثالثةُ: المِصداقيّةُ ونَزاهةُ الهَدَف

المِصداقيّةُ والتمّيزُ المُستَدامُ مُتلازمانِ بِالضَرورةِ. ونَجاحُ المنظماتِ مَرهونٌ بِمصدَاقيّةِ هَدَفِها وسُلوكِها النزيهِ لتحقيقه وليسَ التَظاهُرُ به فقط. في مطلعِ عامِ ٢٠٢٣ أعلنتْ جَامعةُ هَارفرد انسِحابَ كُليّتِها العريقةِ للطبِ وبِشكلٍ مفاجئٍ من التَصنيفِ الدوليّ الشَهيرِ للجامعاتِ يو إس نيوز، لملاحظاتٍ من ضِمنها شُكوكٌ حولَ المِصداقيّة، الُملفتُ أنَّ الكُليةَ كانتْ تَتَصّدرُ قائمةَ ذلكَ التصنيفِ لأعوامٍ عديدةٍ. وهَكذا سُلوكُ المنظماتِ الناجحةِ التي تَهتّمُ بِسُمعتها وتَحترمُ عُملائَها. ومِنْ أَوجُهِ المصداقيةِ: الشَفافيةُ والُمسَائلةُ التي تَمنحُ الثِقةَ وتُعزّزُ التَحسينَ الُمستمِّرَ.

الركيزةُ الرابِعةُ: العملُ المؤّسَسيَ

مِنَ الضَروريِ أَن يَكونَ مَشروعُ بِناءِ مَنظُومَةُ التَمّيزِ استراتيجيةً مُؤسَسّيةً وليستْ مُبادرةً فَردّيةً يَرتَبِطُ استِمرارها بِتَواجُدِ شَخصٍ/ أَشخاصٍ تَنتهي بِرحيلهمْ، كما لابد من دمج أَنشِطَةُ مَنظومةِ التميزِ في العملياتِ الإداريةِ اليوميةِ الروتينيةِ المُحَوكمةِ للمنظمةِ، وألا تكون نُتُوءاً زائداً في نسيجِ أَعمالِها، فَالفوضى لا تَصنعُ النَجاحَ.

الركيزةُ الخَامِسةُ: استِثمارُ التَقنيةُ

 التقنيةُ لُغَةُ العَصرِ ومَلعَبُه الحاضر والقادم لَيسَ فقط لاختِصارِ الوَقتِ والجهدِ وضَمانِ دِقَّةِ المَعلومَاتِ وتَعزيزِ المِصداقيّةِ والشَفافيّةِ فَحسب؛ وإنما لاستثمارِ التَوسُعِ المذهلِ للتقنيةِ المُتَمَّثلِ بالذكاءِ الاصطناعي. تُشيرُ إحدى الدراساتِ إلى أنَّ إِدخالَ التِقنيةِ خَفَضَ مُدَّةَ إنجازِ العملياتِ بنسبةٍ تَصلُ إلى (60%) مَعَ تَقليلِ نِسبِةِ حُدوثِ الأَخطاءِ بِنسبَةِ (50٪). كَما أثمَرَ تَطبيقُ الدَردشةِ الآليةِ الذكيةِ (AI chatbots) الى تَحسُّنٍ بَلَغَ (70٪ ) في مُدةِ الاستجابةِ للعُملاء.

الركيزةُ السَادِسةُ: إدارةُ التَغيّيرِ

مُقاومةُ التَغيّير قَدَرٌ لا مَفرَّ مِنه، وهو مِا يَتَطلبُ حِكمَةً في التَعامُلِ الأمثلِ لاستيعابِ المُقَاومَاتِ ومُعالجتِها، وهوَ مَا تُوّفِرُهُ مَنهجياتُ إدارةِ التَغيّيرِ التي أثبتتْ أَثَرَها البالغَ في تَحسينِ الجودةِ وتقليلِ الهَدْرِ بِنِسَبٍ قد تَصلُ لخَمسينَ بالمئةِ، بل أشارتْ إحدى الدراساتُ أن التطبيقَ الجيدَ لمنهجيةِ إدارةِ التغيّير يُضَاعفُ الإنتاجيةَ لما يَصِلُ لستّينَ بالمئةِ.  وتتعدد نَماذِجُ إدارةِ التَغيّيرِ، وكلها تُساعدُ المنظماتِ على تعزيزِ الدَعَامَاتِ وتحليلِ التَحدياتِ ( المقاومات) بِغَرضِ مُعالجتها. وكُلما كَبُرَ حَجمُ المنظّمةِ كانَ الاحتياجُ لإدارةِ التَغييرِ أشدّ.

الركيزةُ السَابعةُ: التحفيزُ وشحذُ الهِمَمِ

التنافسُ الإيجابيُ مُحَّفِزٌ خَلاّقٌ يَبثُ الرُوحَ في جَسَدِ أي مُنظّمةِ. ومِنَ المُمَارساتِ الُمجرَّبَةِ للتحفيزِ الذكّيِ تَوزيعُ المَهاّمِ المُشتركةِ (مِثلُ قِياسِ مُؤشراتِ الأداءِ) على أَكثرِ مِن قِطاع/إدارةِ لِحثّها على التَنافُسِ في الإنجازِ ثم تَقديرُ المُتَميّزينَ. ومِثالٌ آخرٌ للتّحفيزِ الخلّاقِ يتمثل بإنشاءِ جَائزةٍ للتمّيزِ المؤسَسّيِ تَشملُ فُرُوعُها الأفرادَ والوحداتَ لإداريةَ ويكّرمُ الفائزونَ دورياً بحضورِ رأسِ الهَرمِ الإداريِ.

خِتاماً، كُل المُحّفِزاتِ السَالِفةِ تَبدأُ وتنتهي بِدورِ القيادةِ التوجيهيِ الكَبِيرِ في تحقيقِ النَجاح. ولابُّدَ لِلقَائدِ أَن يَكونَ بَارعاً ومُتَمَكِناً بِما يَكفي لإقناعِ الجَميعِ بِأهميةِ التمّيزِ وجَدواهُ، وكَيفَ يَتَحقَقُ بِطَريقةٍ سَلِسَةٍ ومُمتِعة. وقائدُ المنظّمةِ هُنا يُشبِهُ المُعلمَ مَعَ طُلاّبِه. يَقولُ الدكتور غَازي القُصيبي "لا يُمكنُ للمادةِ أن تَكونَ مُفيدةً ما لم تَكُن مُشوِّقَةً، ولا يُمكنُ أن تَكونَ مُشوِّقَةً ما لم تَكُن مُبّسطةً، ولا يُمكن أن تَكون مُفيدةً ومُشوِّقةً ومُبّسطة ما لم يَبذُل الُمدرسُ أَضعافَ الجُهدِ الذي يَبذُلُه الطالبُ".

د. خَالد بن مُحمّد الجارالله

رئيس قطاع الاستشارات الأكاديمية وبناء القدرات

TOP });