×

الاتصال السريع

1 نسعد بتواصلكم معنا
عبر البريد الإلكتروني info@arrowad.sa
2 نرحب بتفاعلكم معنا
عبر منصات التواصل الاجتماعي    
3 كما يمكنكم الاتصال المباشر بنا
عبر الرقم الموحد  920004248

الاستشارة: مهنة أم حرفة أم صنعة؟

لا يمكن لأي نظام تعليمي أو تدريبي أن يعلّمك الاستعدادات والممارسات التي تحتاجها لتصبح مستشارًا ناجحًا؛ لأن الاستشارة ببساطة حرفة وصنعة قبل أن تكون مهنة!

20 رجب 1446، الموافق 20 يناير 2025

إنها تعتمد على مزيج حيّ ومتكامل من المهارات الشخصية والخبرة العملية والحدس (الحِرَفي)، أكثر مما تعتمد على قراءة الكتب أو المناهج الأكاديمية أو الشهادات المهنية.

 أن تكون مستشارًا ناجحًا معناه أنك تنجح في بناء الثقة مع العميل ابتداء، بعقل منفتح وقلب متفهم وأسلوب احترافي وأخلاق مهنية، ثم تُوظف عقلك ومشاعرك وأفعالك وعلاقاتك بفعالية وكفاءة لإدارة المشروع الاستشاري عبر مساراته المتداخلة والمتشابكة.

 ويشمل ذلك قراءة واقع العميل بعمق، وفهم مهنته وحاجاته وتحدياته بوضوح، وتقديم حلول مبتكرة وعملية مصممة خصيصًا لكل موقف أو تحدٍ، مع إيجاد التوازن بين الثنائيات التي تستعصي أحياناً على الجمع، مثل: الجمع بين إنجاز المخرجات (وهي غالبًا وثائق)، وإحداث تغيير حقيقي في الوعي المهني للعاملين وحوافزهم ومهاراتهم وأدائهم وفي بيئة العمل، وكل ذلك مع القدرة على التكيّف السريع والفعال مع "الرمال المتحركة" لنطاق المشروع وبيئته.

دعونا نوضح أكثر الفرق بين الحِرفة والمهنة:

(الحِرفة) عمل يعتمد على مهارات عملية وتقنية مكتسبة من خلال الممارسة والتجربة والخبرة، ولا يتطلب بالضرورة شهادة أكاديمية، أما (المهنة) فعمل يتطلب مؤهلات علمية أو تدريباً مهنياً متخصصاً، ويُمارس بناءً على معايير وأخلاقيات محددة.

 بتعبير مجازي، المهني شخص يمتلك شهادة أكاديمية أو مهنية تؤهله نظريًا لمعرفة (49) طريقة للسباحة، ولكن دون أن يكون قد خاض تجربة فعلية في السباحة.

 أما الحِرَفي، فهو سبّاح ماهر يمتلك خبرة عملية وتحكمًا حقيقيًا في فن السباحة في البحار المفتوحة والأنهار الجارية والأودية السحيق.

وللاستشارة بُعد ثالث يتمثل في كونها عملية إنتاج حلول مخصصة تُبنى على فهم دقيق وعميق لاحتياجات العميل وتحدياته الفريدة.

 من هذا المنظور، يمكن تشبيهها بـ”صنعة”، حيث يؤدي المستشار دور الصانع الماهر الذي يصمم وينفذ استراتيجيات وحلولًا دقيقة ومتكاملة.

هذه الصنعة تتطلب مزجًا بين النظرة الشمولية والمهارات التحليلية والقدرات الإبداعية، مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات والطموحات والتحديات، والتفاصيل الدقيقة لكل موقف وظروفه الخاصة.

وهذا كله باستخدام أدوات ومنهجيات فعالة وخبرة تراكمية؛ لتقديم حلول مخصصة تتجاوز الحلول الجاهزة أو القوالب التقليدية.

مهنة الاستشارة، إذن، قد يجوز وصفها بأنها مهنة، لكنها بالدرجة الأولى حرفة وصنعة، تستعير من الحرفة المهارات العملية، ومن الصنعة القدرة على إنتاج حلول مخصصة وملموسة ومبتكرة.

 

د. إدريس أُوهلال

كبير مستشارين

TOP });