من وجهة نظرنا في مجموعة الرواد فإن الخطوة الأولى والأساسية في هذه الرحلة تتمثل في تحديد القيم الإنسانية التي نرغب في أن تكون اللبنة الأساسية للذكاء الاصطناعي، فعندما نتكلم عن العدالة، أو عن الشفافية، أو عن الاحترام، أو عن المساواة وغيرها من القيم الإنسانية، فهذه القيم ذات معاني عميقة وليست مجرد كلمات نرددها، بل يجب أن تصبح معايير ملموسة توجه عملية التطوير الذي يتطلب تشارك الخبراء وأصحاب العلاقة من جميع التخصصات المتنوعة لتحديد هذه القيم، لنضمن أن يكون الذكاء الاصطناعي مرآة تعكس قيم الإنسانية بكل تنوعها وثرائها.
بمجرد تحديد هذه القيم، تأتي مرحلة التضمين والتطبيق، فيجب أن يمتد هذا التضمين عبر كل مرحلة من مراحل تطوير الذكاء الاصطناعي: من التصميم الأولي وصولًا إلى التطبيق النهائي بحيث يتم تدريب المطورين لهذه الانظمة ليس فقط على الجوانب التقنية، بل أيضًا على الأبعاد الأخلاقية والإنسانية لعملهم بحيث يكون كل مكون من مكونات أنظمة الذكاء الاصطناعي يعبرعن احترامنا للقيم الإنسانية.
ثم ننتقل إلى مرحلة التقييم، حيث نحتاج إلى أدوات قادرة على قياس مدى تكامل القيم الإنسانية في الأنظمة التي نطورها، وهذا يتطلب منا تطوير معايير تقييم واضحة وموضوعية، وإجراءات مراجعة دورية، تضمن التزامنا المستمر بالمعايير الأخلاقية ومدى اتساقها مع أنظمة الذكاء الاصطناعي.
لا يمكن الحديث عن الذكاء الاصطناعي المسؤول دون التطرق إلى المساءلة والشفافية، بحيث تكون الأنظمة الذكية قابلة للفحص والتقييم من قبل المستخدمين والجهات التنظيمية، بحيث ويكون هناك وضوح في كيفية اتخاذ القرارات واستخدام البيانات، مما يتيح للأفراد الفهم ويعزز الثقة في الأنظمة التي تؤثر على حياتهم.
الطريق نحو الذكاء الاصطناعي المسؤول يتطلب جهداً متعدد الأطراف، من العلماء، والمبرمجين، وصانعي السياسات، بالإضافة إلى المجتمع بأسره، ليتحدوا سوية لضمان دمج القيم الإنسانية بشكل فعال في التكنولوجيا، بحيث يتضمن ذلك تطوير أطر عمل قانونية وأخلاقية توجه استخدام الذكاء الاصطناعي بما يخدم مصلحة الإنسانية ويحمي حقوق الفرد.
إشراك المجتمعات والعامة في عملية تطوير وتنفيذ الذكاء الاصطناعي يعتبر جزءًا حيويًا من ضمان مسؤوليته من خلال تعزيز الوعي والفهم حول هذه التقنيات، وتمكين الناس من المشاركة بشكل فعال في الحوارات المحيطة بها وذلك من خلال التعليم والتدريب ومنصات النقاش.
وضمن هذا السياق وأهمية القيم الإنسانية في تطوير الذكاء الاصطناعي، يُشكل نهج "مجموعة الرواد" مثالاً بارزاً على التطبيق العملي لهذه المفاهيم حيث نقوم في مجموعة الرواد بشركاتها ومن ضمنها خبراتنا في شركة "الرواد لبناء القيم" بالسعي لتحقيق التوازن المثالي بين دمج الذكاء الاصطناعي في منتجاتنا وخدماتنا وبين الالتزام بالمحافظة على القيم والمبادئ الإنسانية المشتركة بحيث يشكل التزامنا هذا خطوة نحو مستقبل يحترم الكرامة الإنسانية ويسهم في تحقيق مجتمع أكثر عدلاً وشمولية.
وأخيرًا، ندعو الى التعاون بين الجميع لتطوير معايير عالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول وهذا يتطلب جهدًا عالميًا يجمع بين الحكومات، الشركات، المؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني لضمان أن تكون التكنولوجيا التي نطورها تخدم البشرية بأسرها، وليس فقط لقلة مختارة، وذلك من خلال مسار متدرج ومدروس نسير به نحو مستقبل حيث الذكاء الاصطناعي لا يمثل فقط قمة التقدم التكنولوجي، بل أيضًا قمة الاحترام للكرامة والقيم الإنسانية.