قد يكون للخبرة التي يمتلكها الاستشاري، ومعرفته بتفاصيل الأعمال، وكيفية تنفيذها، وبالأثر الذي يرجو أن يحدثه تنفيذ الفعاليات وتسليم المخرجات، يتطلب هذا الأمر تقديم رؤية قد تبدو للمستفيد أنها مغايرة لما خطط له، أو أنها لا تنسجم مع ما عهده وعرفه من إدارة مشاريع سابقة، لذا قد يحسم الأمر بأن عليك الالتزام بما يراه، وأنه رضاه أمر مطلوب، مرددًا العبارة الشهيرة "العميل على حق" أو "أنا أعرف بمصلحتي".
في مجموعة الرواد تلزمنا منظومة قيمنا التي منها قيمة نفع الناس، وأحد مكوناتها هي الحرص على مصلحة المستفيد، وأن ذلك مقدم على إرضائه، وهو ما يعني أننا نلتزم ببيان الطريقة المثلى في التنفيذ، أو اقتراح بعض التفاصيل، أو التنبيه لأمر قد يتعارض مع رغبة المستفيد، لكنها في المجمل تسهم في تحقيق العائد من الاستثمار.
وقد نجد معارضة صارمة، ولكن مع مضي الفعاليات وإجراءات التنفيذ قُدمًا، وتوسع إدراك المستفيد تتضح له وجاهة الرأي الذي قدمناه في البداية، وهذا النضج في الرؤية يحسب للمشروع، ولكن الرجوع إلى تنفيذ مرئيات البداية قد يكلف جهدًا ومالًا ووقتًا.
لماذا نتمسك بتقديم مصلحة المستفيد على رضاه؟
في ثلاث حلقات نقاش عمل في إطلاق مشاريع مختلفة في نطاقها والمستفيد منها، قال ممثل الجهة: "لكن هذا يؤثر عليكم سلبًا، ستفقدون بعض المشاريع؟".
وقوله صحيح؛ فقد اعتذرنا عن تنفيذ بعض المشاريع، حينما أصر المالك للمشروع على تنفيذ رغباته، وهناك مشاريع كبيرة نصحنا فيها الجهات بتعديل نطاق العمل؛ كون أن الموجود قد تكون آثاره عكس ما خطط له، وهو ما يجعلنا نتعامل مع هذا الأمر من منطلق منظومة قيمنا.
وذات مرة قررت جهة حكومية إحالة المشروع لجهة استشارية أخرى، وتبين لها أثناء التنفيذ أن الأثر الذي حدث عند المستفيد النهائي (المجتمع) كان على الضد من ذلك، مما اضطرها لإيقافه.
فنحن ننطلق من منطلق قيمي والتزام أخلاقي، وفي كل مرة يشكرنا المستفيدون من خدماتنا ومنتجاتنا على الرؤية التي قدمناها لهم في النهاية.
كيف يمكننا حل الأمر؟
نقدم وجهة نظرنا في العروض الفنية المقدمة، ومن خلال اللقاءات الأولية، نستطلع رغبات المستفيد من المشروع، بعد وضع خارطة أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين، ونرسم معًا الصورة الذهنية للمخرجات، ونحدد القيمة المضافة لها، وتصميم منهجية نقل المعرفة لفريق الجهة المستفيدة من خدماتنا، من خلال تنويع وسائل نقلها، إما من حيث الدمج في تنفيذ فعاليات المشروع، أو من خلال تنفذ التدريب على رأس العمل وتشارك المعرفة الصريحة والضمنية، ويتخلل ذلك تقديم الدلائل من سجل مثبت في تنفيذ المشاريع المشابهة، واستعراض بعض الممارسات، يتبين للكثير صوابية الرأي والنهج الذي نسلكه.
هل هناك تعارض بين مصلحة المستفيد وطلب رضاه؟
ليس هناك تعارض، ولكن الأفضل والحسن له، هو البحث عما فيه مصلحته، التي تتضمن في النهاية رضاه، بل وتحقيق مستويات عالية من الرضا عن المشروع وفعالياته ومخرجاته، فعندما يجد أن كل نطاق العمل نفذ، وأنه تسلم كل المخرجات حسب معاييره، بل وبما يفوق توقعه؛ سيرضى، لكننا نرى أن الحرص على المصلحة منبعها قيمي وأخلاقي، وقائم على بذل النصح، وأن جعل رضاه هو المقدم كيفما اتفق أمر برغامتي.