بعد مراجعتنا الواسعة للأدب المتوافر حول القيم، ودراستنا لبعض المشاريع المتخصصة فيه، وبعد عدد كبير من جلسات النقاش المركز بين مستشارينا، فقد تبنيّنا وطوّرنا عددًا من الأسس التي قادت ووجّهت فهمنا وفلسفتنا لموضوع القيم بوجهٍ عام، منها:
- وجود إشكال واضح في مصطلح القيمة ومفهومها في مجالات العلوم المختلفة.
- القيم عالمية؛ وتتفق عليها أغلب الشرائع والثقافات والأعراق والشعوب.
- تنقسم البيئات الحاضنة للأفراد؛ إلى بيئات المنظمات، وبيئة المجتمع وبيئة الوطن، فالأسرة ومؤسسات التعليم ومؤسسات القطاع العام والخاص والثالث (غير الربحي)، كلها منظمات أفرادها محددون، وخاضعون لنظام، ولكل بيئة منها قائد متفق عليه، أما بيئات المجتمعات الصغيرة والكبيرة؛ فليس لها نظام واضح أو تنظيم للعلاقات، وليس لها في الغالب أي قائد متفق عليه، بخلاف الوطن الذي هو شكل من أشكال المجتمع، لكن له قائد متفق عليه.
- الراعي والمالك للبيئات الحاضنة؛ هو المسؤول عن تكوين قيمها عند الأفراد المنتمين لتلك البيئات.
- تساهم مؤسسات المجتمع المدني كافةً، ووسائل التواصل الاجتماعي - كمؤثرين غير مسؤولين - بشكلٍ فاعلٍ في التأثير في قيم جميع البيئات الحاضنة.
- تهيئة البيئة الحاضنة لتكون بيئة داعمة للقيم، سبب رئيس في اكتساب الأفراد للقيم وتمكينها لديهم.
- قد تتوافق القيم الشخصية للفرد مع قيم المنظمة الحاضنة له، وقد لا تتوافق في مجموعها أو في بعضها، وقد تتوافق أيضًا في نوعها ودرجة اكتسابها.
- تختلف القيم من فرد إلى آخر، ومن منظمة - كيان اعتباري - إلى أخرى؛ تبعًا لتغير الأهداف أو الأولويات، كما أن قيم البيئة الحاضنة قد تتغير خلال مدة من الزمن تبعًا لسياق واقعها.
- تهدف المنظمات ببنائها منظومات القيم؛ إلى تحفيز منتسبيها لتحقيق رؤية و أهداف البيئة الحاضنة التي ينتمون إليها ، وتمكين تلك المنظومة يحقق رؤيتها وأهدافها..
- للقيمة ثلاثة أبعاد خفية هي: المعرفة والانفعال والاعتقاد؛ وبُعد رابع ظاهر، هو؛ السلوك.
- القيمة الواحدة تتضمن قيمًا فرعية أخرى، وتكوّن في مجملها القيمة الأصلية.
- تتداخل القيم مع بعضها، فبعض المكونات (القيم الفرعية) لقيمةٍ ما؛ قد تكون مكونًا لقيمة أخرى. لذا؛ توجد مكونات مشتركة بين القيم المختلفة، كما قد يكون المكون ذاته (القيمة الفرعية) قيمة أصلية بحد ذاتها.
- القيم المنظمية تنظم علاقة الفرد بذاته، وعلاقته بزملائه في العمل، وعلاقته بذوي العلاقة داخل المنظمة وخارجها، ويفضل أنْ تتوافق مع قيمه الشخصية، وهذا يعني تفعيل القيم في ثلاث دوائر متكاملة هي: الفرد والمنظمة والمجتمع.
- القيم مكتسبة؛ تخضع لجميع مبادئ التعلم وقوانينه وآلياته واستراتيجياته.
- من الشروط الأساسية لفهم القيم: تحويلها من مفهوم مجرد إلى كيان واضح المعالم؛ بتعريفها، وتحديد مكوناتها الفرعية والسلوكات المعبرة عنها، والتي تمثل نقيضًا معها، وتحليل أبعاد المكونات، وإبراز منافعها ومضار العمل بما يناقضها، وآليات إكسابها ومسارات تمكينها، وهو ما نطلق عليه تجسيد القيم.
- لكي نستطيع تمكين القيم لدى الأفراد، فلابد أنْ نتوجه ابتداءً إلى الراعي والمؤثر المسؤول عن إكساب القيم وتمكينها لدى الأفراد المتأثرين به.
- يمكن قياس القيم لدى الأفراد للتعرف على درجة اكتسابهم وتبنيهم للقيم الشخصية أو القيم المنظمي، ويمكن قياس القيم للمنظمات (الشخصية الاعتبارية)، للتعرف على درجة توفيرها لمتطلبات القيم التي تنادي بها ودرجة وجودها وقوتها في المنظمة.
- القيم ليست مجرد مهارات وظيفية تقنية فقط، بل تستند إلى إيمان الفرد بها؛ لذا فإن اكتساب الفرد لقيمة ما، لا يتحقق إلا بإشراكه بعملية تمكينها، وبتحول القيمة لديه إلى قناعة شخصية، وموجه سلوكي يبني عليه اختياراته ومواقفه.